Translate

السبت، 10 يناير 2015

الإرهاب
 (وجهة نظر)

تتداعى يوماً بعد يوم العمليات الإرهابية التي تقوم بها الجماعات المتشدّدة، والتي تطال أرواح المدنيين في أماكن شتى من العالم، فبعد الاعتداء الذي وقع على صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية في باريس يوم 7 – 1 – 2015، فقد شهد لبنان اعتداء آخر في جبل محسن بطرابلس أودى بحياة تسعة مدنيين بالإضافة إلى العديد من الجرحى. ولعلّه من البديهي جداً أن نشاط التنظيمات الإرهابية في لبنان وسواها لم يكن عديم الصلة بما يجري في بؤرة الصراع، أعني الأرض السورية. ذلك أن الجميع بات يدرك أن استراتيجية نظام الأسد في إدارته لأي صراع داخلي هو تصدير المشكلة إلى الخارج بغية نقل الصراع إلى المستوى الإقليمي والدولي.
وما من أحد يجهل مراهنة نظام الأسد على إيجاد الجماعات والتنظيمات الإرهابية والرهان على قدرتها على خلط الأوراق واختراق الثورة السورية وتشويهها أمام الرأي العام الدولي. وكذلك ما من أحد يجهل الدعم اللوجستي الذي قدمه نظام الأسد لتنظيم داعش وتمدّده على الأراضي السورية، ولكن جوهر المشكلة فيما أعتقد، يكمن في رغبة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوربيين في تجاهل المصادر الحقيقية للإرهاب وتركيز الجهود على تداعياته فقط، ولعل هذه السياسة غير البريئة على الإطلاق تكشف عن زيف الخطاب السياسي الأمريكي وتناقضاته من جهة، كما تكشف عن الرغبة الأمريكية في استمرار العنف والدمار والخراب في منطقة الشرق الأوسط بدوافع تتجاوز المصالح الآنية للأمريكان لتدخل في مجال العداء الإيديولوجي والتاريخي الذي تضمره الذاكرة الغربية عموماً، ولكي لا نُتَهم بالاختباء في نظرية(المؤامرة) وكذلك بعيدا عن الافتراضات المسبقة فإن من حقنا طرح أكثر من تساؤل:
1 – لقد تكررت التصريحات الأمريكية الرسمية التي تفصح أن نظام الأسد هو أحد مصنعي وداعمي الإرهاب في المنطقة، إلا أن أمريكا مازالت مصرّة على استثنائه من أي استهداف عسكري أو سياسي مباشر.
2 – استهداف التحالف الدولي بقيادة أمريكا لتنظيمي داعش وجبهة النصرة تحت شعار مكافحة الإرهاب، واستثناء الميليشيات الإيرانية والعراقية وعناصر حزب الله اللبناني التي لا يخفى إجرامها بحق الشعب السوري.
3 – لم تخفِ إيران دعمها العسكري والسياسي لنظام الأسد، بل لا تخفي أيضاً أن لها جيوشاً تقاتل في سوريا واليمن والعراق ولبنان بهدف الهيمنة الطائفية على المنطقة، وعلى الرغم من ذلك فإن أمريكا تبدأ مرحلة جديدة بالمزيد من التنسيق مع إيران سواء على مستوى الصراع في سوريا والعراق، أو على مستوى الملف النووي الإيراني.

ما يؤكد عليه السورين دوماً، وما يعرفه الأمريكيون والأوربيون معاً، أن تنظيم داعش وجبهة النصرة هما تنظيمان وافدان إلى الأرض السورية ولم ينبثقا من الحراك الشعبي السوري، ولا تتوافق توجهاتهما الإيديولوجية والسياسية مع تطلعات الثورة السورية التي رفعت شعار الحرية والكرامة والديمقراطية، أضف إلى ذلك أن الشعب السوري لم يفوّض داعش ولا جبهة النصرة بالدفاع عن قضاياه وتطلعاته ولم يكن للسوريين أي خيار بوجود هذين التنظيمين على الأرض السورية، بل إن معاناة السوريين من تنظيم داعش لا تقل عن معاناتهم من نظام الأسد على مستوى العنف والإرهاب، فلماذا كلما نُسبتْ عملية إرهابية إلى أحد هذين التنظيمين تنهال التهم وتستيقظ النقمة والأحقاد لتتوجه إلى المسلمين ( السنّة حصرا) بوصفهم البيئة الحاضنة للإرهاب؟؟.ولماذا يتوجب عليهم الاعتذار عن ممارسات هم أولى ضحاياها؟.     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق