Translate

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

                     بيان الحزب الوطني للعدالة والدستور
                          بشأن فوز حزب نداء تونس

كما كانت الشقيقة تونس حاضنة لانطلاقة ثورات الربيع العربي، فإنها تعود اليوم أيضاً لتكون حاضنةً لأولى الثمار الطيبة التي أينعت في ربيع تلك الثورات، وذلك من خلال الحراك السياسي الناضج والفعّال الذي ساهمت فيه القوى السياسية التونسية.
إن انتصار الثورة التونسية من خلال تكاتف جهود شعبها الأبي مُمَثلاً بقواه السياسية، وقدرتهم على الوصول إلى توافق على الاحتكام إلى قواعد العمل الديمقراطي الذي يلبي تطلعات وطموحات الشعب التونسي يُعدّ تجسيداً حضارياً طيبا ليس للتونسيين فحسب، بل لكل الشعوب الثائرة التي تتطلع إلى الحرية والمساواة.
إننا في الحزب الوطني للعدالة والدستور(وعد) إذ نتقدّم إلى الشعب التونسي الشقيق بأحرّ التهاني على إنجازه العظيم الذي تمثل بالانتخابات التي استطاع بموجبها حزب (نداء تونس) الفوز برئاسة الحكومة، فإننا في الوقت ذاته نتوجه بالتهنئة لكل القوى السياسية التونسية التي أسهمت في إنجاح العملية السياسية الديمقراطية ونخص منها (حركة النهضة) التي كان لها دور فعّال في سلاسة وشفافية تسليم السلطة.
كما إننا نهيب بكل الأحزاب والتيارات والهيئات السياسية التونسية بالحفاظ على هذه التجربة الطيبة والدفاع عنها وصيانتها لتكون نموذجاً يحتذى في توطيد الأمن والسلام والازدهار لدى شعوب المنطقة جميعها.

الحزب الوطني للعدالة والدستور(وعد)
                    سوريا

29 – 10 – 2014    

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

                    عين العرب، إزدواجية معايير أم فشل سياسي؟

                                  وجهة نظر



 ما من شك في أن مدينة (عين العرب) السورية وما يدور حولها من معارك باتت محور اهتمام العالم فهي المدينة الوحيدة من ريف حلب الشرقي التي ما زالت خارج سيطرة (داعش) ولعل السؤال الأكثر تردّداً على ألسنة الكثيرين: لماذا هذا الاستنفار العالمي العسكري والإعلامي والزخم الأمريكي الكبير من أجل مدينة عين العرب؟ في حين أن مقتل ما يقارب ثلاثمئة ألف سوري لم يحرك الضمير العالمي كما يتحرك اليوم؟ ولعلّنا نتوقع في الإجابة سيلاً عارماً من الاحتجاجات بل البكائيات التي ينمّ مجملها عن الشعور بالمظلومية القاسية التي اعتدنا عليها ويمكن إيجازها بما يلي: (العالم عدو لنا، دمنا مهدور ومباح، أمريكا منحازة للأكراد، أمريكا وإسرائيل والغرب وبقية العالم كله يتآمر علينا، العالم يكرهنا لأننا مسلمون...) أي لا جديد لدينا سوى المخزون التاريخي لنظرية المؤامرة الراكدة في أعماقنا. ولكن من المفيد أيضا أن نتساءل عن السبب الذي يجعل العالم يستنفر تعاطفاً ونصرةً لعين العرب، أعني ما الذي فعله الإخوة الأكراد حتى استطاعوا تجييش العالم لصالحهم ثمة أمور لا يمكن تجاهلها لعل أهمها:
1 – الأكراد السوريون ممثلون بأحزاب وتيارات كباقي الشعب السوري، ولكن الأحزاب الكردية تتميّز بمستوى تنظيمي وإداري جيد، وهذا ينعكس على أدائها انعكاساً مباشراً.
2 – الأحزاب والقوى الكردية ليست متفقة في الرؤى والتوجهات، بل يوجد بينها تناقضات وتباينات كبيرة من حيث الرؤى والمنطلقات، ولكنها تجيد بحرفية كبيرة فن وأصول الاختلاف، والذي يتحول، بفضل الطريقة المثلى لاستثماره، إلى مصدر قوّة وليس مصدر ضعف وتشتت.
3 – قدرة الأحزاب الكردية على التلاقي والتجمع بغية إيجاد مشتركات للعمل تستدعيها الظروف الطارئة، وهذا ما حصل في اجتماع (أربيل) الأربعاء الماضي.
4 – المستوى القتالي الحرفي العالي، والانضباط العسكري، والقيادة الموحدة للمعارك، والتنسيق الهرمي الدقيق بين المدني والعسكري.
5 – التنسيق الإعلامي بين معظم القوى الكردية بحيث يتم التركيز على ما هو مهم ومشترك وتجاهل القضايا الخلافية الأخرى.
6 – القدرة على مخاطبة العالم والوصول إلى أوسع نطاق بشري، وهذا يستدعي معرفة الطريقة التي يفكر بها الآخرون وما هي اهتماماتهم.
وفي العودة إلى نظرية (المؤامرة) التي تسكننا أقول: لنفترض جدلاً أنها صحيحة برمتها، وأن ما بداخلها من مضمرات هو صحيح، ولكن صحة ذلك لا تنفي على الإطلاق الحال الذي نحن فيه والذي لا يؤهلنا مطلقاً لكسب أية معركة سياسية أو عسكرية. فعلى المستوى السياسي يمكن القول إن الكيان الرسمي الذي يتعامل معه المجتمع الدولي هو (الائتلاف ) وقبله المجلس الوطني وكلاهما تمّ فرضه على الشعب السوري من جانب قوى دولية وإقليمية، وكان من الممكن له تجاوز هذه الإشكالية لو أنه استطاع أن يحقق استقلالية وطنية نسبية يمكن البناء عليها، ولكن ما حدث هو العكس تماماً، فقد ازدادت الانقسامات بفعل التأثير الإقليمي، وترسّخ مبدأ المحاصصة الحزبية والاستقطابات الشللية، وأصبح الجهد الذي يستهلكه أعضاء الائتلاف في معاركهم الداخلية أكبر بكثير من أي جهد أو نشاط سياسي يخدم المصلحة العامة. ولعل المعارك السياسية والمناطحات الشللية التي شهدها الائتلاف حيال إعادة انتخاب رئيس للحكومة المؤقتة خير دليل على ذلك. ولعل الحال خارج الائتلاف ليس هو الأفضل على الإطلاق، ذلك أن سوريا تكتظ بالأحزاب والتيارات والتجمعات السياسية التي تأسست حديثا أو ما كان منها موجوداً قبل الثورة، ولكنها على كثرتها سواء داخل الأرض السورية أو خارجها، لم تستطع أن تفرز كيانا سياسياً متماسكا يحظى بتأييد شعبي يمكّنه من أن يكون رديفاً للائتلاف أو بديلاً عنه، ولا يعود ذلك إلى ندرة الكفاءة السياسية لدى السوريين بقدر ما يعود إلى ندرة المؤسسات السياسية التي نفتقدها – نحن السوريين – حتى اللحظة الراهنة. أضف إلى ذلك أن ما ابتلي به الائتلاف من مناحرات وتجاذبات إيديولوجية وسياسية تكاد تتكرر أيضا في المساحات السياسية خارج الائتلاف، بل يمكن القول إن القوى السياسية السورية برمتها تفتقر إلى تأسيس الثقة المتبادلة فيما بينها، كما يلزمها الكثير من الجهد والعمل على بناء ذهنية قبول الآخر والإيمان بمبدأ التشاركية وعدم التشكيك، كما يلزمها المزيد من القناعة بأن أي مشروع وطني يستلزم بالضرورة التخلي عن النزعات الحزبية او الفردية الضيقة والأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية.
وليس حال القوى السورية العسكرية على الأرض أميز مما هو عليه سياسياً، ذلك أن توحيد القوى والفصائل العسكرية أصبح من الكلام المكرور غير المجدي، بل إن الفوضى العسكرية التي أسهمت في تشعب المشهد العسكري وعدم انضباطه في منظومة أو منظومات تنسق فيما بينها، قد فتح المجال واسعا للاختراقات التي حققتها القوى المتطرفة التي باتت تشكل تهديداً لحاضر ومستقبل الثورة السورية لا يقل خطورة عما تقوم به قوات نظام الأسد وحلفاؤه.
وإزاء هذا الخلل أو القصور السياسي والعسكري المهيمن على واقع الثورة السورية، قل أن نجد من يحاول – أحزاب أو شخصيات – العمل على التماس بدايات سليمة والبناء عليها، وإن وجدت هذه الحالات فإنها تُقابل بمزيد من التشكيك والريبة.
ما تمّ إنجازه ببراعة يندر شبيهها هو ظهور طابور(فيسبوكي) هائل يتقن لغة الشتم والتخوين والتجريح البعيد عن النقد الحقيقي النابع من الإحساس بالمسؤولية، بل لقد بات يخيل إلى الكثير من الفيسبوكيين أن المعيار الحقيقي للوطنية هو القدرة على كيل الشتائم والتخوين وادعاء البطولات الوهمية والانفراد بالوصاية على الثورة، حتى بات الجميع يخوّن الجميع، وكم يتمنى المرء لو أن هذه الحميّة على الثورة – كما يدّعي الشتامون – تتحول إلى حميّة في إنتاج الأفكار والمبادرات أو أي سلوك ذي فائدة.

ما أريد قوله: إن تضحيات الشعب السوري التي فاقت التصورات، كما أن البسالة التي أبداها الشعب السوري في مقاومة الطغيان الأسدي وأحلافه، لم تحقق على المستوى السياسي والعسكري حتى اللحظة الراهنة الأهداف والتطلعات التي توازي هذه التضحيات العظيمة، والسبب – كما أزعم – ليس المخزون التاريخي لنظرية المؤامرة فحسب، بل عدم قدرتنا على تحقيق منجز ثوري سياسي بالدرجة الأولى وعسكري بالدرجة الثانية من شأنه أن يجعل القضية السورية محطّ اهتمام العالم. لإيماني العميق أن الآخر (العالم – أصحاب المصالح) يميلون إلى التعامل – كما تقتضي مصالحهم – مع الكيانات المتعافية السليمة القادرة على التفاعل، وهذه لا تتحقق إلا بالعمل من خلال آليات ووسائل وبنى ذهنية منبثقة من واقع الثورة وعصريتها وليست من اجترارات ثقافتنا البائسة. 

المكتب السياسي للحزب الوطني للعدالة والدستور.
23/10/2014

الخميس، 9 أكتوبر 2014

قراءة في التوجهات الجديدة للمجتمع الدولي نحو حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني.

ما تزال قضية السلام في الشرق الأوسط تستقطب اهتمام العالم أجمع وذلك على الرغم من مرور اثنتين وستين سنة عل احتلال فلسطين ، الأمر الذي يعيد تعزيز القناعة لدى الجميع أن الحق باقٍ لايموت بتقادم الزمن و تغيّر الأشخاص أو الأجيال. 
لقد بات العالم على قناعة تامة أنه لا يمكن الدعوة إلى عالم يعيش بسلام ويعمّه الأمن والطمأنينة وينعم أفراده بالسعادة والتقدم والرخاء وهناك – في الوقت ذاته – شعوب طُردت من أرضها، ولئن كانت معظم الشرائع الإنسانية والدولية ومواثيق حقوق الإنسان قد صانت حقوق الأفراد ودعت إلى حمايتها فإنه من الأولى بها الدفاع عن حقوق الشعوب والمطالبة بإعادة الحق إلى أهله.
وتأسيساً على ذلك فإننا في الحزب الوطني للعدالة والدستور ( وعد ) وإيماناً منا بجوهرية قضية فلسطين فإننا نرحب بالقرار الذي اتخذته الحكومة السويدية حول تأييدها لمشروع الدولتين، كما نرحب بالمنحى الذي يتجه إليه البرلمان البريطاني المتمثل بتأييد حل الدولتين، وإننا نرى في هذا التحول السياسي لدى السويد وبريطانيا خطوة في الاتجاه الصحيح الذي يمكن أن يؤدي إلى سلام دائم في منطقة الشرق الأوسط 
إن اهتمامنا وتأييدنا لعملية السلام في المنطقة نابع من إيماننا المبدئي بحق الفلسطينيين باستعادة حقوقهم من جهة، ومن إيماننا أيضاً بأن مجمل القضايا السياسية والنزاعات العالقة في المنطقة لا يمكن إيجاد حل جذري لها دون حل للقضية الفلسطينية من جهة أخرى.
إن تقديرنا لقرار الحكومة السويدية والبرلمان البريطاني يدفعنا أن نهيب بكل الدول المحبة للسلام وخاصة الدول الأوربية أن تحذو حذو السويد وأن تبادر بدفع عملية السلام إلى الأمام وذلك انسجاماً مع القيم والمبادىء التي تتخذها شعارا لحضارتها، وانسجاماً مع رغبة معظم شعوب العالم الطامحة إلى بناء مستقبل أفضل للإنسانية.

الحزب الوطني للعدالة والدستور ( وعد )
المكتب السياسي
7 – 10 - 2014

الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

موقف الحزب الوطني للعدالة والدستور من الإعتداء الاثم على مدينة كوباني.

في محاولة منه لإطباق سيطرته الكاملة على ريف حلب الشرقي مايزال تنظيم البغدادي ( داعش ) يحاصر مدينة عين العرب بعد أن قام باحتلال معظم القرى التابعة للمدينة، الأمر الذي دفع معظم سكانها إضافة إلى معظم سكان عين العرب-كوباني نفسها إلى النزوح تجاه الأراضي التركية خشية من إقدام تنظيم داعش على ارتكاب مجازر بحق الإخوة الكرد . 
إننا في حزب ( وعد ) إذ نؤكد موقفنا المناهض لتنظيم البغدادي باعتباره تنظيماً إرهابياً ألحق أذى كبيرا بالثورة السورية وباعتبار ممارساته الإجرامية وممارسات نظام الأسد وجهين لعملة واحدة، فإننا في الوقت ذاته نؤكد إدانتنا الشديدة لحصار إخوتنا الكرد وتهجيرهم وترويعهم، ونعلن تضامننا الشديد مع إخوتنا في عين العرب-كوباني وحقهم المشروع في الدفاع عن أرواحهم وممتلكاتهم ومدينتهم.
كما نتوجه بالإكبار والإجلال إلى بسالة كافة الإخوة المقاتلين الثوار الذين يخوضون معارك الشرف سواء كانوا من الإخوة الكرد أو من فصائل الجيش الحر التي تجاهد جنباً إلى جنب مع إخوانهم الكرد في الدفاع عن عين العرب-كوباني.
وإيماناً منا بوحدة الأرض السورية، ووحدة الشعب السوري، فإننا نهيب بكافة مكوّنات الشعب السوري من عرب وأكراد وترك وشركس وأرمن إلى رص الصفوف والتكاتف والإجماع على الدفاع عن كرامة السوريين وحريتهم ، انسجاماً مع مبادىء وقيم الثورة السورية التي هي ثورة جميع السوريين بكل أعراقهم ومذاهبهم وذلك بغية إسقاط نظام الأسد وملحقاته الإرهابية من داعش وميليشيات إيران وحزب الله وسواها، بغية تحقيق غد أفضل لسورية والسوريين.
الحزب الوطني للعدالة والدستور ( وعد )
المكتب السياسي
6 – 10 – 2014 
ملامح مشروع سياسي لحزب (وعد)
أفكار وتصورات.

1 - الأسباب الموجبة :
يكتنف مفهوم ( الحزب ) في الوسط الإجتماعي السوري المزيد من الضبابية والريبة في الفهم، ولعل مرد ذلك إلى إنعدام الثقافة الحزبية لدى السوريين طيلة نصف قرن، وذلك نتيجة تصحر الحياة السياسية جرّاء الحكم الإستبدادي الذي مورس بحق السوريين 
ولم تستطع الأحزاب السياسية السورية التقليدية – بحكم واقعها المأزوم – أن تسهم في تجسيد قناعة لدى الناس مغايرة للقناعة المستقرة في أذهانهم، ذلك أن السوريين لم يحصدوا قطُّ ثمرات نشاط حزبي ملموس في سورية لا قبل الثورة ولا بعد إنطلاقتها، ويعود ذلك إلى النهج الذي مارسته الأحزاب في تواصلها مع الناس والتعامل مع قضاياهم، حيث أعتمدت على الضخ الأيديولوجي وإغراق الناس بالعواطف والأمنيات والأفكار دون ملامسة الواقع الإجتماعي وما تستدعيه حياة المواطنين من حاجيات.
إن إنفجار ثورات الربيع العربي الذي أثبتت كشوفاته الثقافية أن هواجس المواطن السوري وهمومه ومعاناته لم تكن بمنآى عن إهتمام السلطة الحاكمة فحسب، بل بمنآى عن الأحزاب التي كانت تُصنف في صفوف المعارضة أيضاً.
ولم تتمكن المعارضة السورية أن تجعل من برامجها وشعاراتها السياسية برامج حياتية تستمد مضمونها من حياة الناس ونشاطهم الإجتماعي، بل ظلت في غالب الأحيان تدفع ثمن معارضتها للسلطة دون أن تتمكن من تقديم البدائل الأفضل.
ومما زاد الأمر تعقيدا وخطورة ظهور التيارات الراديكالية في الإسلام السياسي التي ساهمت باستنزاف الثورة السورية وأنحراف مسارها، وكان من مفرزات هذه التيارات ظهور المجموعات المسلحة المتطرفة التي أعادت إنتاج الإستبداد والقمع وممارسة الظلم بأسوأ تجلياته، حيث لم تسع هذه المجموعات أو التنظيمات المتطرفة إلى العمل لتحرير المجتمع من الظالم الواقع عليه لتفسح له المجال في اختيار أو صياغة المستقبل الذي ينشده، بل سعت إلى فرض تصوراتها وأجنداتها على المجتمع بالإكراه مدّعية إمتلاك الحقيقة كاملة وما على الآخرين سوى الرضوخ لها، ووفقاً لذلك ، لم يعد السلاح الذي تمتلكه هذه القوى وسيلة للتغيير والتحرير المجتمعي بل أصبح كابحاً حقيقياً لمسيرة الثورة وأداة لتسلّط جديد وموازٍ لتسلّط نظام الأسد.
ولعلّ المراد من كل ما تقدم من كلام هو الوصول إلى السؤال التالي :
ما هو التحدّي الأبرز الذي يواجهه حزب ( وعد ) الذي يطمح لأن يكون حاملا لمشروع اجتماعي ؟
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بدّ من ذكر نقطتين هامتين:
1 – ولادة حزب ( وعد ) إبان اتطلاقة الثورة السورية توجب عليه تحديد دوره بدقة ووضوح من الثورة وذلك من خلال برنامج عمل قابل للتجسيد على أرض الواقع.
2 – المرجعية الٍإسلامية للحزب تجعله يواجه إرثا ثقيلا من مفرزات الإسلام السياسي، فهل سيلجأ حزب وعد للتبرؤ من هذا الإرث بالتغاضي والسكوت، أم سيقدم على إثبات تمايزه من خلال رؤية نظرية وبرنامج عمل بآن معاً ؟ .

 2 - الرؤية:
ثمة سمات عامة للأحزاب السياسية السورية التي واكبت المرحلة الزمنية الممتدة من مرحلة ما بعد الإستقلال وحتى نهاية القرن العشرين، ولعل أهم تلك السمات:
1 – الإنشغال بالإيديولوجيا ، والسعي الحثيث على إيجاد مبرر إيديولوجي لوجود الحزب، وذلك بدلاً من الإهتمام بالبرنامج الحزبي الذي ينبغي أن يتجسّد على أرض الواقع، وهذا يعني أن العقيدة الحزبية هي مصدر شرعية الحزب وليست الوظيفة الإجتماعية التي يقتضيها الواقع الإجتماعي لحياة الناس.
2 – الإستغراق الكامل في الشأن السياسي للأمة، والإهتمام البالغ بتصدير الخطابات والبيانات التي تلبي – في معظم الأحيان – حاجة نفسية للأنا المهزومة بالدرجة الأولى – وخاصة لدى الأحزاب القومية ، وذلك أكثر من الإهتمام بحاجات الناس الإجتماعية والإقتصادية وغيرها.
3 – الإدّعاء بتمثيل جميع الجماهير، دون الإلتفات إلى التباين الإجتماعي والفكري بين شرائح المجتمع.
4 – عدم قدرة هذه الأحزاب على إعادة إنتاج مضامينها الإيديولوجية وذلك وفقا لتغير الظروف والأحوال، الأمر الذي جعل الأفكار الحزبية أقرب إلى أيقونات ذات وظيفة تزيينية غير قادرة على مقاربة الواقع الإجتماعي.
5 – نموّ لوثة الإستبداد في الممارسة السياسية بسبب الإعتقاد باحتكار الحقيقة، ونفي أي شرعية لوجود الآخر.
6 – الضحالة الفكرية والثقافية في معظم المكوّنات الحزبية، واعتماد الأحزاب السياسية على البرامج الثقافية التي تعززقناعاتها بسلامة وصحة ما تعتقده فقط، الأمر الذي يؤدي إلى تكلس وتنميط العقل الحزبي وجعله لا يرى إلا من ثقب محدّد. 
7 – إفتقار معظم الأحزاب إلى رصيد نظري فكري، حيث لا تحفل أدبيات الأحزاب على بحوث ودراسات تتجاوز فترة كتابتها، والإكتفاء بالمنتج الصحفي الإستهلاكي.
ولعلّ هذه العوامل مجتمعة، يضاف إليها ما كانت تمارسه السلطات الإستبدادية، وخاصة نظام الأسد على امتداد أربعة عقود من الزمن، قد أدت كلها إلى حالة من التصحر السياسي، وانعدام إرث سياسي يمكن أن تؤسس عليه الأجيال القادمة.
ولعلّ ما هو مؤلم حقاً أن الأحزاب المعارضة في سورية والتي قدّمت تضحيات هائلة في مواجهتها لنظام الأسد، بل ما قدّمته المعارضة السورية من تضحيات – وخاصة المعارضة الإسلامية – ( شهداء – معتقلون – مهَجرون ) نكاد لا نجد لها مثيلاً في أي بلد عربي في تلك الفترة الزمنية. ولكن على الرغم من كل ذلك فإن المعارضة السورية وأعني ( الأحزاب السياسية بكل توجهاتها ) لم تستطع تجاوز النظام الحاكم أو نظام البعث من حيث آليات التفكير والمنهج في العمل الذي ينعكس على الممارسات والسلوك إنعكاساً مباشراً. ودليل ذلك أن كل الأحزاب في سوريا هي عاجزة الآن عن إنتاج مشروع سياسي يمثل مصالح السوريين، كما هي عاجزة من إحراز حضور فعّال في الثورة السورية.
لئن كان هذا التشخيص الذي لا بدّ منه يوحي إلى صعوبة بناء تجربة تجربة حزبية ناجحة في سورية، فإن هذه الصعوبة ستكون مضاعفة – فيما أعتقد – أمام حزب ( وعد ) وذلك بسبب مرجعيته الإسلامية التي ستكون هي التحدّي الأكبر للحزب.
لقد واجهت أحزاب الإسلام السياسي مشكلة كبيرة كانت هي السبب فيما آلت إليه من كوارث، وتتجسد هذه الإشكالية في نقطتين:
1 – مصدر السلطة هو الدين وليس الشعب، والحاكم أو الرئيس – وفقاً لذلك – هو مُفوّض من الله في حكم العباد، ومخالفته للحاكم تعني مخالفة الله التي تعني ( الكفر ).
2 – حاجيات الواقع الإجتماعي، وشؤون الناس الحياتية، ومعظم الإشكاليات الدنيوية، يتم البحث عن حلول لها في السماء، وإن لم يتوفر حل سماوي بحكم التفاوت في الزمان والمكان فيتم اللجوء إلى إنطاق النصوص بما لم تنطق به، وهذا بدوره يؤدي كبح أية محاولة للدخول في روح العصر.
وما ينبغي توكيده على الدوام أن كل إشكاليات الإسلام السياسي ومآلاته المأسوية لم يكن سببها الدين، بل آليات التفكير التي واجهت النصوص الدينية، وبالتالي تصبح المشكلة في الأشخاص أو العقول البشرية المفكرة وليست في الدين ذاته.
إن التجربة الحزبية التي يحاول حزب ( وعد ) تحديد ملامحها بغية تجسيدها وممارستها في سوريا الراهن والمستقبل، ينبغي أن تراهن على أمرين، إن استطاعت تحقيقهما فذلك ما يمنحها حق الشروع في حياة سياسية في سوريا المستقبل، وهما:
1 – الشعب هو مصدر السلطة، والقناعة بهذه المقولة توجب القناعة بكل تداعيات مفهوم الدولة المدنية الديمقراطية، والتخلي عن الإمتيازات العقدية التي نؤمن بها.
2 – كما أن الواقع هو مصدر الإشكاليات، فإنه أيضا مصدر الأجوبة على هذه الإشكاليات، وهذا يقودنا إلى اعتماد مفهوم العلمانية بعد تجريدها من مضامينها الإلحادية، وإعادة إنتاجها وفقا لمقتضيات ديننا الإسلامي، وهذا ليس نوعا من التلفيق الثقافي، بل هو مشروع قابل للتحقيق إذا ما توفر له الجهد الفكري الدؤوب والعمل الثقافي المثابر. 
وتأسيساً على ما تقدّم فلا غضاضةً من نزع سمة التقديس أو العصمة عن التجارب الحزبية الإسلامية السابقة، بل إن المراجعة النقدية الجادّة لتلك التجارب ستكون لنا رصيداً يمكن استثماره والاستفادة منه.

3 - الأهداف:
1 – الإنطلاق بمشروع ( وعد ) من إطاره الحزبي الضيق إلى مشروع إجتماعي يستوعب تطلعات جميع السوريين.
2 – إعادة الإعتبار للحياة السياسية والعمل الحزبي في سوريا.
3 – تماهي المشروع الحزبي ل (وعد ) مع أهداف وتطلعات الثورة السورية.
4 – جلاء الصورة الحضارية والمشرقة للدين الإسلامي.

4 - الوسائل والآليات:
1 – العمل الدؤوب – فكرياً وميدانياً – على البحث الدقيق في الواقع الاجتماعي بغية إعداد خطط وبرامج تعمل على إنتاج مشاريع مختلفة الاتجاهات غايتها تقديم خدمات حياتية للمواطنين، وذلك من خلال المكاتب التخصصية في الحزب.
2 – العمل على مأسسة الدولة وتعزيز سلطة القانون والفصل بين السلطات والدفاع عن حرية الرأي وحرية تشكيل الأحزاب.
3 – العمل على إيجاد رؤية نحو حل سياسي للقضية السورية.
4 – التواصل المستمر مع كافة القوى والأحزاب والتيارات الوطنية وهيئات المجتمع المدني، وطرح المبادرات المتواصلة والمتنوعة التي تنسجم مع رؤية الحزب وتوجهاته، ومحاولة إشراك هذه القوى في مشاريع عمل سياسية وغير سياسية للتشجيع على العمل الوطني المشترك.
5 – العمل على إيجاد قنوات تواصل مع العالم الإقليمي والدولي، ليس على مستوى الحكومات فحسب، بل على مستوى الأحزاب والأفراد ومنظمات المجتمع المدني أيضاً.
6 – إعطاء الأولوية للعمل الفكري والثقافي، وفي هذا السياق أقترح أن يتم تشكيل لجنة من عدّة أشخاص ممن تتوفر لديهم الكفاءة الفكرية وتكون مهمتهم هي البحث والإنتاج والتأصيل الفكري لإنتاج دراسات وبحوث تدعم رؤية الحزب الفكرية في سعيه لأن يكون بديلا عن الإسلام السياسي المتطرف.

30 – 9 – 2014
حسن النيفي