Translate

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

حزب النداء الوطني الديمقراطي
بعد عام من انطلاقته


بحلول هذا اليوم (18 – 10 – 2016) يكون حزب النداء الوطني الديمقراطي قد طوى حولاً كاملاً على لحظة انطلاقته من خلال مؤتمره الأول، ولعله من البدهي أن يقف كل منا أمام ذاته ولو لحظات ليقول: ما الذي حمله عام مضى؟ وما الذي أنجزه الحزب خلال العام الفائت؟ وما هو استشرافنا لما سيأتي من الأيام؟ قد تبدو الإجابة ميسورة إذا تجرّدنا أو استبعدنا الشرط التاريخي المحايث لسيرورة عملنا، ولكن ما يجعلنا غير قادرين على تقديم إجابات تقليدية هو أن القدر الذي أطّر نشأة حزبنا يجعلنا محكومين- رضينا أم لم نرض- بمعايير لا تطال حزب النداء فحسب، بل تطال مجمل القوى السياسية السورية، بل قوى الثورة برمتها.

وغني عن القول إن حزب النداء هو واحد من الأحزاب الجديدة التي اقترن تاريخ نشأتها بتاريخ الثورة السورية، وبالتالي فإن كل ما طرأ على الثورة من تشعبات ومنعطفات سينعكس – بلا شك – على نموّ هذا الحزب وتوجهاته.

ولئن كان الدور الذي تؤدّيه الأحزاب – بالمعنى التقليدي – يكاد ينحصر في إنتاج الرؤى والتصورات، وإنجاز المشاريع السياسية المُستمدة من الواقع المعاش للمواطنين، وكذلك استشراف المستقبل وبناء استراتيجيات تلبي حاجات مستقبلية للشعب، إلّا أن هذا المُنجز المنظور ربما يكون كافياً عندما يكون الحزب يمارس نشاطه وفعالياته في فضائه الطبيعي، وأعني بذلك فضاء الثورة السورية قبل أن تخترقه حاملات الطائرات العابرة للقارات، والمشاريع الجهنمية لقوى الهيمنة والاستعمار، وتحوّل الأرض السورية إلى مسرح لصراع المصالح الإقليمية والدولية، وفي الوقت ذاته بات غياب السوريين عن المشهد أمراً لا يحتاج إلى برهان، فلا الإئتلاف، ولا قبله المجلس الوطني، ولا الفصائل العسكرية المتغوّلة، استطاعوا بإمساك زمام المبادرة الوطنية، والحفاظ على القرار الوطني، بل بات معهوداً بأذهان الجميع أن حلّ القضية السورية لن يأتي إلا من خلال توافقات دولية وإقليمية، وهذه التوافقات ستكون الأولوية فيها لمصالح الآخرين وليس لمصالح السوريين.

لا شكّ أن هذا المشهد القاتم، لا نهدف من وراء استجلائه إلى إحلال القنوط والإحباط في النفوس، بل لعلّنا على يقين من أن الوقوف أمام الحقائق ولو كانت مؤلمة، هو خير بكثير من القفز من فوقها، ولعلّنا على يقين أيضاً من أن إيماننا بعدالة قضيتنا ومشروعية ثورتنا يجعلنا أكثر قدرة على مواجهة الصعاب، ويزيدنا عزيمة في المضي على الطريق الذي اخترناه على الرغم مشاقه ومصاعبه.

ثمة هدفان أو غايتان كان وما يزال حزب النداء يعدّهما إحدى أولوياته في الوقت الراهن،

أولهما: وحدة العمل الوطني، من خلال استقطاب كل القوى الوطنية الديمقراطية، والعمل على صياغة برنامج سياسي وطني موحد تعمل على تجسيده جميع قوى الثورة، وهذا ما تجسّدت بوادره في (التجمع الديمقراطي السوري) الذي كان حزب النداء أحد المساهمين في تأسيسه وبلورة توجهاته.

وثانيهما: استرجاع القرار الوطني، وعدم مفارقة النضال الوطني للقيم الجوهرية والمبادئ الأساسية للثورة السورية، على الرغم من تزاحم الأجندات الخارجية ومحاولتها الحثيثة لاجتياح ملاح الثورة ومحو نصاعتها. وذلك لن يتحقق إلا بالالتصاق بالشرائح السورية التي يتجدد إيمانها يوماً بعد يوم بأن ثورة السوريين هي ثورة على الظلم والاستبداد، هي ثورة الشعب السوري بكل مكوناته العرقية والدينية من أجل الانتقال إلى دولة العدالة والديمقراطية والمواطنة.

ما أنجزه حزب النداء بعد عام من انطلاقته، بكل تأكيد لا يوازي طموح أعضائه ولا يوازي كذلك تضحيات أهلنا السوريين، وما ينتظرنا من عمل- سواء على المستوى التنظيمي أو السياسي أو الاجتماعي- هو كثير جداً، ولكن ما يمكن تأكيده أيضاً، هو أن الثورة السورية هي ثورة أجيال، وليست طفرة مرحلية كما يدّعي البعض، وأن الحرب الدائرة على الأرض السورية هي حرب كونية تذكي جذوتها كل قوى الطغيان في العالم، وليست حرباً بين الشعب السوري ونظام آل الأسد فحسب.

دموية المشهد السوري بكل تفاصيله مؤلمة جداً، ولكنّ إيماننا بالله، وبعدالة قضيتنا، ونبل وسموّ أهداف ثورتنا، سيجعل من هذه الآلام دروباً نحو سورية الغد الأجمل والأرقى. وإننا إذ نؤكد ذلك فإننا لا نحلم، أو نتأمل فحسب، بل نستلهم منطق الحق، ومآلات الثورات العادلة خلال التاريخ.



حسن النيفي - رئيس المكتب السياسي
18 – 10 – 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق